كتب _ اشرف المهندس…
لقاء الايمان الاسبوعى ومع فضيلة الشيخ الدكتور/ مديح سميح الطويله من علماء الأوقاف إمام وخطيب بمديرية أوقاف الاسكندريه
بسم الله الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله واصحابه الاخيار الاطهار ..أما بعد
فيقول الله جل وعلا (وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين )وقال تعالى (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم )
التنافس والتسابق إما محمود وإما مذموم فالتنافس والتسابق فى الخير وأمر الأخرة محمود .والتنافس فى الشر والدنيا مذموم .
كلمة التنافس والتسابق عبر عنها علماء النفس بأنها هى حب الذات؛ وعبر عنها العوام بأنها الغيرة ؛وعبر عنها القرآن الكريم بكلمة التنافس فقال تعالى(وفى ذلك فليتنافس المتنافسون ) فقلد حث الإسلام على التنافس والتسابق المحمود فى فعل الخيرات والتسابق الى فعل الطاعات والقربات ومدح الله تعالى أنبيائه بهذه الصفة الحميدة فقال تعالى (إنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين )ويقول تعالى (والسابقون السابقون أولئك المقربون )قال بعض العلماء حول هذه الآية السابقون فى الدنيا الى الخيرات هم السابقون يوم القيامة الى الجنات .
ولقد كان النبى صلى الله عليه وسلم مثالا أعلى فى المسارعه والمسابقة الى فعل الخيرات فعن أبى سروعه عقبة بن الحارث رضى الله عنه قال صليت وراء النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة صلاة العصر فسلم ثم قام مسرعا فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه ففزع الناس من سرعته فخرج عليهم فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته قال ذكرت شيئا من تبر ذهب مكسور عندنا فكرهت أن يحبسنى فأمرت بقسمته؛خشى النبى صلى الله عليه وسلم أن تحبسه هذه الأمانة يوم القيامة فبادر الى توزيعها والتصدق بها.
ولقد ربى النبى صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام على المسابقه فى الخيرات والتسابق إليها فحثهم على التنافس فى العبادات كالآذان والصف الأول والتبكير الى الصلوات والحرص على صلاة العشاء والفجر فقال صلى الله عليه وسلم (لو يعلم الناس مافى النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ؛ولو يعلمون مافى التهجير لاستبقوا إليه ؛ولو يعلمون مافى العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا)متفق عليه.
وهذا بلال رضى الله عنه يتعلم خلق المسابقه الى الجنة فيسابق بوضوئه وصلاته فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر يابلال حدثنى بأرجى عمل عملته فى الإسلام فإنى سمعت دف نعليك بين يدى فى الجنة قال ماعملت عملا أرجى أنى لم أتطهر طهورا فى ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ماكتب لى أن أصلى.
وهذا ربيعه بن كعب يلازم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول له ذات يوم سلنى ياربيعه فقال أسألك مرافقتك فى الجنه .لم يطلب ربيعه أى شيء من متع الدنيا ولكن تسابق الى الآخرة وطلب مرافقة الحبيب صلى الله عليه وسلم فى الجنة.
أيها الأحبة كثير منا يتمنى فعل الخير والمسابقة الى الطاعات ولكن كثير منا مبتلى بالتسويف وتأجيل عمل الخير والتنافس فى فعل الخير من يوم الى يوم يقول سوف أفعل أو سوف أتقرب الى الله بكذا سوف أترك المعصية كذا ولكن تمر الايام تتوالى الشهور وتنقضى الأعوام دون أن يفعل خيرا او يدخل السباق والتنافس فى مرضاة الله .
فخلق التسابق الى الخيرات يعلم المسلم درسا عمليا هو أنك لا تؤجل عمل خيرا نويت فعله لأنك لاتدرى ماذا سيكون حالك غدا فهناك من يصاب بالفقر بعد الغنى وهناك من يغنى ينسيه فعل الخير الذى يتمنى أن يفعله وهناك من يصاب بالمرض وهناك من يصيبه الهرم إلى درجة الخرف وهناك من يأتيه الموت سريعا ولذلك قال المعصوم وهو يعلمنا خلق التنافس والتسابق الى الخيرات فيقول صلى الله عليه وسلم (بادروا بالأعمال سبعا هل تنتظرون إلا فقرا منسيا أو غنى مطغيا أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر )رواه الترمذى فالتسابق الى الخير طبع لا يتخلق عليه إلا من وهبه الله تعالى رجاحة فى العقل وانشراحا فى الصدر وسلامة فى القلب والمسابقة الى الخيرات خلق لايتصف به إلا المؤمن الصادق قال وهيب (إن إستطعت ألا يسبقك الى الله أحد فافعل)
فالمؤمن القطن يعلم أن أنفاسه معدودة وساعات إقامته فى الدنيا محدودة ويدرك أن الحياة فرص من إغتنم هذه الفرص وعمل الصالحات فاز وسعد فى الدنيا والآخرة ومن ضيعها خاب وخسر فعن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو يعظه إغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك )المستدرك للحاكم .
لو ضربنا مثلا الدنيا وحياتنا فيها فهى مثل طالب بالامتحان ومدة الامتحان ثلاث ساعات والاسئله كثيرة جدا فهل يعقل له وهو فى الامتحان ينظف ساعته أو يكتب حساباته ماذى اشترى وماذا باع فهذا وقت ثمين لايحتمل إلا أن تفكر فى السؤال والجواب عليه لكى تحقق ما تريده من النجاح والتفوق .
ولقد امتثل الصحابة رضوان الله عليهم لهذا الفهم من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا يتسابقون الى فعل الخيرات ويبادرون بالأعمال الصالحة ليلا ونهارا فهذا أبو بكر الصديق رضى الله عنه ماوجد طريقا علم أن فيه خيرا وأجرا الا سلكه وسابق إليه فحينما وجه النبى صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بعض الأسئلة عن أفعال الخير اليوميه كان أبو بكر الصديق هو المجيب فيقول صلى الله عليه وسلم من أصبح منكم اليوم صائما ؟فيقول ابوبكر انا يارسول الله؛قال من اتبع اليوم جنازة؟فيقول ابوبكر انا يارسول الله؛قال فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟فيقول ابوبكر انا يارسول الله ؛قال فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟فيقول أبو بكر انا يارسول الله ؛فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما إجتمعن فى امرىء الا دخل الجهة .
كما كان الصديق رضى الله عنه له السبق عندما طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من صحابته أن يتصدقوا يقول لك عمر فوافق ذلك عندى مالا فقلت اليوم أسبق أبا بكر فجئته بنصف مالى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماأبقيت
لأهلك قلت مثله وأتى ابوبكر بكل ماعنده فقال النبى صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر ماأبقيت لأهلك فقال أبقيت لهم الله ورسوله عندئذ قال عمر فعلمت أنى لا اسبقه الى خير أبدا.
وهذا أبو الدحداح الأنصارى لما نزل قول الله تعالى (من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا)قال للرسول صلى الله عليه وسلم وإن الله ليريد منا القرض فقال النبى نعم يا أبا الدحداح إنى قد أقرضت ربى عزوجل حائطى أى بستانى وكان فيه ٦٠٠نخلة وام الدحداح فيه وعيالى فناداها يا ام الدحداح قالت لبيك قال أخرجى من الحائط فقد أقرضته ربى عزوجل فجعلت المرأة تخرج التمر من أفواه الصبية فكان الجزاء لهذا التسابق الى الخيرات أن النبى صلى الله عليه وسلم قال كم من عرق رداح أى مثمر وممتلىء فى الجنة لأبى الدحداح .
وهذا أبو طلحة الأنصارى جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل السباق الى الخيرات بأحب ماله إليه فقال يارسول الله يقول الله تعالى ( لن تناول البر حتى تنفقوا مما تحبون )وأنا أحب مالى الى بيرحاء وكانت حديقة يدخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم يستظل بظلها ويشرب من مائها فهى الى الله عزوجل والى رسوله صلى الله عليه وسلم أرجوا برها وذخرها عند الله فضعها يارسول الله حيث أراك الله فقال صلى الله عليه وسلم بخ يا أبا طلحة ذاك مال رابح قبلناه منك ورددناه عليك فاجعله فى الأقربين فتصدق بها أبو طلحة على ذو رحمه .
جعلنا الله من المسارعين الى مرضاته والمتسابقين الى طاعاته والمجاورين لرسولنا صلى الله عليه وسلم فى جنته ودار مقامته أنه ولى ذلك والقادر عليه .